من حقوق المرأة في الاسلام الحق الثاني : الطاعة وحسن العشرة :
جعل الإسلام للأسرة رئاسة والرئاسة بحقها حيث يلزمها تلك الرئاسة العمل والإنتاج والانفاق على الأسرة وإعفائها ولهذا جعل الإسلام الزوج رئيسا للأسرة بالمعروف أمرها ، وإحسان عشرتها . وسمى ذلك قوامه . لتدبير
وإذا كانت المرأة شقيقة الرجل في الخلقة والمقومات الإنسانية ومن ثم ساوى الإسلام بينها وبين الرجل في هذا المجال الذي قال عنه النبي ﷺ : " إنما النساء شقائق الرجال " .
إلا أن هناك فارقا بين الحقوق الفردية والحقوق الاجتماعية فالرجل والمرأة يفقدان بعض الحقوق الفردية ، حالة اندماجها في المجتمع . وتختلف درجة الاندماج بنوع الحياة الاجتماعية التي يعيشها كل منهما .
فالعامل في المصنع أو المتجر يخضع لسلطة رب العمل ويلتزم بطاعة أوامره وتعليماته في حدود نظم العمل ولوائحه .
وخارج المصنع لا سلطة لرب العمل على العامل ولا طاعة له عليه والابن في حياته الاجتماعية خارج نطاق الأسرة يمارس حقوقه كاملة ، ولكن داخل نطاق الأسرة ، لابد أن يكون للأب نوع من السلطة الممثلة في الرئاسة والإشراف . والمرأة بوصفها زوجة تصبح عضوا في أسرة ومن ثم تخضع لنوع من السلطة الممثلة في الإشراف من رب الأسرة أو الطاعة له . فالحقوق في الحياة الاجتماعية تختلف عنها في الحياة الفردية ، كما أنها داخل - الإطار الاجتماعي تتفاوت :
فالمواطن يرتبط بالولاء لدولته الأمر الذي يخضعه لقوانينها ولطاعة رئيسها ونظمها ، وتختلف نوع الطاعة المطلوبة بنوع نظام الحكم .
وللمواطن الصغير وهو الأسرة حقوق وولاء لا مجال لإنكارها أو تجاهلها ، ويختلف مداها باختلاف المجتمعات .
إن هذا هو الناموس الطبيعي للحياة الاجتماعية ، مهما اختلفت أنظمة الدول وعقائدها ومن هنا كان للمساواة بين الجنسين نطاقاً ولحقوقها مجالاً ، ولا ينكر ذلك أحد من العقلاء . فالأنظمة التي تنكر الأديان والوراثة وتزعم المساواة التامة بين الرجال والنساء لا تملك أن تجعل وظائف الأمومة بالتناوب بين الرجال والنساء .
وكان عليها أن تنسب الأبناء إلى أمهم ، لا إلى أبيهم ، لأنها تملك ذلك ، ولكنها لــم تفعل ولن تفعل .!!مقومات القوامة :
الرجولة هي العنصر الرئيسي والأساسي في القوامة ومن ثم كان الزوج هو رئيس العائلة في جميع نظم العالم بما فيها المجتمعات الشيوعية التى تنكر قول الله تعالى :
الرجال قوامون على النساء.
كما ينتسب الأولاد إلى الرجل على الرغم من أن الأم هي التي تكد وتشقى في الحمل وما بعده ، وهذا ما يضطر إليه النظام الشيوعي لأنها الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
ولكن الإسلام انفرد عن النظم الأخرى بأن جعل لمقومات القوامة سببين ، الرجولة ثم التزام الزوج بالنفقة على الزوجة والأولاد فقال الله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ، بما فضل الله بعضهم على بعض ، وبما أنفقوا من أمولهم ) .
والقوامة ضرورة اجتماعية ، فكما أن الحياة لا تستقيم مع نظام تعدد الآلهة . فأي مجتمع صغر أو كبر ، لا يصلحه ازدواج القوامة .
وكما أن الله واحد ، فقد أمرنا أن نكون أمة واحدة ، حمد النبي ﷺ صفات أفرادها في حديث رواه البخاري ومسلم ونصه : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسم والحمى ".
لما كان ذلك فإن مثل هذه الأسرة لا توجد إلا إذا كان لها قيادة واحدة فهل تكون قيادة الأسرة للرجل أم للمرأة ؟ لم يترك الله المسألة للأخذ والرد والإرخاء والشد بين الرجال والنساء ، بل حكم بنفسه في الأمر فقال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) . ثم أوضح الله سبب هذه القوامة بقوله : ( بما فضل انه بعضهم على بعض وبمــا أنفقوا من أموالهم ) . وفي هذا قال النبي ﷺ " أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تلبسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن ولكن إذا كان اختصاص الرجل بالإنفاق على الأسرة هو سبب هذه القوامة ، فإذا تولت بعض النساء الإنفاق في بعض الحالات، فلماذا لا تنتقل القوامة اليهن؟.
الجواب : إن الإنفاق وحده ليس هو السبب في جعل القوامة بيد الرجال ، بل السبب الرئيسي هو وجود مقومات تجعل الرجل أفضل من المرأة في قيادة الأسرة ، هذه المقومات هي التي خصها الله تعالى بقوله : (بما فضل الله بعضهم على بعض ) .
وهذه المقومات ليست مكتسبة حتى يمكن أن تكتسبها المرأة بل هي أسباب خلقية ، فالمرأة تختص وحدها بوظائف الأمومة ، وما يتعلق بذلك من حيض وحمل وولادة ورضاع ، الأمر الذي يجعل حظها من العاطفة يختلف عن حظ الرجل ، وهذا ما أشار إليها العلامة فروسية " في دائرة معارفه إذ قال : ( نتيجة لضعف دم المرأة ، ونمو مجموعها العصبي ترى تركيبها أقل مقاومة لأن تأديتها لوظائف الحمل والأمومة والرضاعة يسبب لها أحوالاً مرضية قليلة أو كثيرة الخطر ) .
المساواة والقوامة :
غير أن الإسلام انفرد بتحديد نطاق القوامة ، فجعلها في دائرة تبادل الحقوق والواجبات ، ذلك التبادل الذي يوزع وفقاً لأعباء ومقومات كل منهما ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ).
نوع القوامة الشرعية :
الإسلام لا يجعل القوامة سبباً في المساس بشخصية المرأة والانتقاص من أهليتها في
التصرفات المالية أو غيرها .
كما أن القوامة الشرعية لاتحول بين الزوجة وبين التملك ، ولا تنقص حقها في تصرف في أموالها بالبيع أو الشراء أو الهبة أو غير ذلك .
والقوامة لا تحول دون تقرير حق الطلاق للمرأة إن كرهت الزوج وذلك خلافاً للمستقر عند الغربيين من عدم جواز الطلاق إلا للخيانة الزوجية الأمر الذي يفضل معه الزوجان البقاء بدون عقد زواج مدة قد تصل إلى ربع قرن فعلى سبيل المثال نشرت الصحف قصة المهندس الإنجليزي ايفي هبكز البالغ من العمر سبعة وأربعين عاماً والذي ظل يعاشر جاكلين هاريس مدة ثلاثة وعشرين عاماً كزوحين بغير عقد منذ أن أعلنا خطوبتهما سنة ۱۹۵۷ وفي مايو سنة ۱۹۸۰ بدأت مراسيم الزواج الرسمي وذلك على الرغم من أن الخطبة كانت وليدة قصة حب وعلى الرغم من أنها في نفس عمره ولكن قبود الطلاق وعدم يسره تجعل هؤلاء يفضلون هذه الحياة بدعوى فهم شخصية كل منهما وتجربته .
ولاية الزواج والحقوق المشترك :
وقال : إن القاعدة الرئيسية في الشريعة الإسلامية هي المساواة بين جميع البشر في التكاليف والحقوق والواجبات ، فالجميع من معدن واحد ومن أصل واحد قال الله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) بعضكم من بعض () ويقول " كلكم لأدم وآدم من تراب " ويقول : " إيما النساء شقائق الرجال " ويأتي الاستثناء لاختصاص معين ، ولسبب وعلة ليست مكتسبة أو مصطنعة وذلك مثل ولاية الزوج ، كما قدمنا سابقاً. •