تقرير الشرع لحق الغيرة السوية:
ما يبغضه . غير ربية [ رواه أبو داود ) . . عن جابر بن عنيك : أن النبي كان يقول : " من الغيرة ما يحب الله ، ومنها . الله ، فأما التى يحبها الله فالغيرة في الريبة ، وأما التي يبغضها الله فالخبيرة في والأنفة ، وهو تفسير " يلازم التغير " فيرجع إلى الغضب . به الاختصاص. واشد ما يكون ذلك بين الزوجين ... وقيل الغيرة في الأصل الحمية قال عياض : الغيرة مشتقة من تغير القلب و هيجان الغضب ، بسبب المشاركة فيما وهذا التعريف يفيد أن الغيرة المحمودة المشروعة من جانب الرجل ، هي ما كانت بسبب مشاركة الرجال الأجانب له فيما به اختصاصه من زوجه ، وعلى ذلك ليست رؤية الأجانب لوجهها وكفيها ، أو محادثتها بالمعروف ، مما به اختصاص الزوج .
أنواع الغيرة
الغيرة المحمودة :
وهي ما كانت في ريبة ، ومثالها :
عن سعيد بن عبادة قال : يا رسول الله ، لو وجدت مع أهلي رجلاً لم لمسه حتى أتي بأربعة شهداء ؟ ! قال رسول الله ﷺ : نعم . قال : كلا والذي بعثك بالحق ، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك . قال رسول الله ﷺ : اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيــور ، وأنا أغير منه والله أغير مني . ) وفي رواية البخاري : ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ) . [ رواه البخاري ومسلم ). وهذه رواية مسلم .
الغيرة هنا في ريبة لذا كانت محمودة، لكنها زادت عن الحد إذ دفعت إلى قول ما لا ينبغي أن يقال . وربما تدفع رجلاً آخر إلى فعل ما لا ينبغي وهو قتل الزاني ، بينما
الشارع وضع ضوابط لا تبيح قتل الزاني دون أربعة شهود وكذلك يحمد كل زوج وزوجة إذا كانت منهما غيرة ، في ريبة وقعت من الطرف
الآخر
الغيرة المذمومة :
وهي ما كانت في غير ريبة ، ومثالها :
عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوماً : ألا أحدثكم عني وعن أمي . قال : فظننا أنه يريد أمه التى ولدته . قال : قالت عائشة : ألا أحدثكم عني وعن رسول الله لو قلنا : بلى . قال : قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي عندي ، انقلب على فراشه فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه ، وبسط طرف إزاره ) فاضطجع ، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت ، فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا ، وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا ، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ، ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع ، فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ، ثم انحرف فانحرفت ، فأسرع فأسرعت ، فهرول فهرولت ، فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت . فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال : مالك يا عائش حشيا قلت : لا شيء . قال : لتخبريني أوليُخبرني اللطيف الخبير . قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، فأخبرته قال : فأنت السواد الذي رأيت أمامي ؟ قلت ت : نعم في صدري لهدة أوجعتني . ثم قال : أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله رابية فَلَهَدَني
لی هد رقدت فكرهت القالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله ، نعم. قال : فإن جبريل أ ثاني حين رأيت فناداني واخفاء منك ، فاجبته فأخفيته منك ، ولم يكن يدخ على أهل البقيع فتستغفر لهم . قالت قلت : كيف اقول لهم يا رسول الله ؟ قال : قولي : ، وظننت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى .
فقال : إن ربك يأمرك أن وإنا إن شاء الله بكم للاحقون لرواه مسلم]
على السلام أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ،رسول ا بي عن أبي سعيد الخدري قال : كان فتى منا حديث عهد بعرس ، قال : فخرجنا مع الله إلى الخندق ، فكان ذلك
يستأذن رسول الله بأنصاف النهار يرجع أهله ، فاستأذن يوما فقال له رسول الله ﷺ : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريطة ، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، لأهوى إليها الرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة ، فقالت له : اكفف عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بحيّة عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح ٠٠٠[ رواه مسلم ] ، وذلك لبيان
وقد سبق ذكر هاتين الواقعتين عند عرضنا لحق الثقة وحسن الظن إنكار الشارع لهذا المستوى من الغيرة التي تعني سوء الظن بالصاحب .
الغيرة الزائدة :
أي غيرة تزيد قدرا ما عن حد الاعتدال ، وهذه ينبغي أن يُترفق في معالجة آثارها ، وينبغي أيضاً اجتناب مثيراتها ، هذا من جانب الصاحب المعافى . أما الطرف المبتلي نعليه أن يبذل جهده في ضبط مشاعره قدر الإمكان ، كما عليه ضبط سلوكه حتى لا يصدر منه ما يخالف الشرع . وهذه بعض الأمثلة لأصحاب الغيرة الزائدة :
عن ابن عمر قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة المسجد . فقيل لها لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟ قالت: وما يمنعه
أن ينهاني ؟ قال : يمنعه قول رسول الله ﷺ : " لا تصفى (رواه البخاري ]
الله مساجد الله "
بقول الرسول ﷺ : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " . هنا نلمس ضبط عمر لغيرته الزائدة فلم يمنع زوجته من الذهاب للمسجد التزاماً منه
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال النبي : رأيتني دخلت الجنة ... ورأيت قصرا بفنائه جارية . ) وفي رواية : فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ) فقلت : لمن هذا ؟ قالوا : لعمر ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه ، فذكرت غيرتك ( فوليت مدبراً ) ، فقال عمر : بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار ؟! [رواه البخاري ومسلم ]
الغيرة هنا لا علاقة لها بزوجة عمر ، ولكن للحديث دلالة أشار إليها ابن بطال بقوله : يؤخذ من الحديث أن من علم من صاحبه خلقاً لا ينبغي أن يتعرض لما ينافره . فالحديث يبين كيف راعى رسول الله ﷺ غيرة عمر الزائدة فولى مدبراً . كما يبين كيف تغلب إجلال عمر لرسول الله له على غيرته الزائدة . وهكذا ينبغي أن يتعلم الزوجان من رسول الله الله فلا يتعرضان قدر الإمكان لما يثير الغيرة الزائدة - إن وجدت عند الطرف الآخر.
عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ... وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله ﷺ على راسي ، وهي مني على ثلث فرسخ . فجئت يوماً والنــوى على رأسي ، فلقيت رسول الله و معه نفر من الأنصار ، فدعاني ثم قال : إخ إخ . ليحملني خلفه ، فاستحييت أن أسير مع الرجال ، وذكرت الزبير وغيرته ، وكان أغير الناس . فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى ، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله ﷺ وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه ، فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك ، فقال : والله لحملك النوى كان أشد على من ركوبك معه [ رواه البخاري ومسلم ] .
الحظ هنا كيف تحملت أسماء المشقة مراعاة لغيرة زوجها الزائدة .
كما نلحظ أن مروءة الزبير كادت أن ت تغلب على غيرته الزائدة ، وذلك عندما ابن حجر بقوله : أي كان ركوبها أخف مما تحقق من تبذلها يحمل النوى على والله لحملك النوى على رأسك كان أشد على من ركوبك معه . ويوضح هذا المعنى الصبر على ذلك، شغل زوجها بالجهاد وغيره.. فكانوا لا يتفرغون للقيام بأمور البيت ل يتعاطوا ذلك بأنفسهم ، ولضيق ما بأيديهم عن استخدام من يقوم بذلك عنهم كما نلاحظ كيف تحملت أسماء المشقة مراعاة لغيرة زوجها. مكان بعيد لأنه قد يتوهم خسة النفس ودناءة الهمة ... ولكن كان السبب الحامل ليها من بيع في ظل دارك . قالت : إني إن رخصت لك أبي ذلك الزبير ، فتعال فاطلب إلى عن أسماء قالت : فجاءني رجل فقال : يا أم عبد الله ، إني رجل فقير أردت أن الامير شاهد . فجاء الرجل فقال : يا أم عبد الله ، إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظــل دارك . فقالت : مالك بالمدينة إلا داري فقال لها الزبير : مالك أن تمنعى رجلا فقيرا يبيع فكان يبيع إلى أن كسب [ رواه مسلم
وهنا نرى أسماء تعمل الحيلة لمعالجة غيرة زوها ، ونرى الزبير في الوقت نفسه
يقلب حب عمل المعروف على مشاعر الغيرة .
عن أم سلمة : . . . قالت : أرسل إلى رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة يخطبيني ، فقلت : إن لي بنتاً وأنا غيور . فقال : أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها ، والدعو الله أن يذهب الغيرة . [ رواه مسلم ]. هنا تقر أم سلمة رضي الله عنها بغيرتها الزائدة، وتعتذر بسببها عن قبول الزواج
رسول الله ﷺ ، رغم ما في صحبته من تكريم وتشريف الصغائر والهفوات التي تصدر منه . ومن أمثلتها وهذه الغيرة يعذر صاحبها ما لم يفعل حراما ، أي يُغض الطرف عن الصغائر والهفوات التي تصدر منه.