المحتوى العلمي الإسلامي
طرائق الناس في التعامل مع العواطف العشر
بنو البشر يعيشون حياة قنوط ويأس هادئ وهناك شيوع هائل للانعزال الذي يعيشه الناس لسبب واحد هو رغبتهم في تجنب الألم، كما لاحظنا ذلك من الجوع الذي يظهرونه كلما سنحت لهم فرصة للشعور
بعاطفة أكبر وطاقة أكبر بأنهم أكثر حيوية .
هناك أربعة سبل أساسية يتعامل بها الناس مع العواطف : ١ - التجنب فإننا جميعاً نريد أن نتجنب العواطف المؤلمة فنتحرج من إقامة أي علاقات ولا نحاول التقدم لوظائف عمل تتطلب تحدياً وهذا الأمر قد يحميك على المدى القصير لكنه يحرمك من الشعور
بالحب والود والتواصل ولن تستطيع في النهاية أن تتجنب المشاعر والموقف الأكثر قوة هو أن تتعلم كيف تتوصل إلى المعنى الإيجابي لتلك الأمور التي كنت تظنها في السابق أنها عواطف الخفي سلبية .
٢- النفي: هو استراتيجية الإنكار والنفي لست أشعر شعوراً سيئاً إلى هذا الحد، ولكن إذا ما تجاهلت الرسالة التي تحاول عواطفك إرسالها فإن عواطفك تعمل على رفع حرارة الرسالة إلى أن تنتبه لذلك في النهاية، أما فهم هذه العواطف واستخدامها فهي الاستراتيجية الصحيحة في معالجة الشعور بالطريقة الصحيحة الحل الصحيح .
معاناة؟ ٣- المناقشة تقول إنك عانيت الكثير ؟ هل تعرف ما لقيته من فيأخذون بالتباهي بأن وضعهم أسوأ من أي شخص آخر .. ومن الواجب تجنب هذا المنهج بكل ثمن؛ لأنه يصبح عبارة عن نبوءة، أما النهج الأقوى والأكثر صحة للتعامل مع العواطف التي تعتقد أنها مؤلمة فهو أن ندرك بأنها تخدم غرضاً إيجابيا هو التعلم والاستخدام نتعلم من أخطائنا ونستثمرها في عمل أقوى، لقد استخدمت أمريكا مثلاً ضرب أهداف عندها في أشياء كثيرة زادتها قوة ومنفعة وكذلك أصبحت الدول في العالم تستعمل نفس الشيء.
التعلم والاستخدام: إذا أردت النجاح في الحياة فاجعل العواطف مجدية لك إذ لا يمكنك التهرب منها ولا تجاهلها ولا تقليل شأنها أو خداع نفسك فيما يتعلق بمعناها ولا يمكنك أن تسمح لها بأن تتضخم لدرجة أن توجه حياتك وجهة مردية . فالعواطف وإن كانت مؤلمة على المدى القصير فهي تعطيك إشارة لما يتوجب عليك
عمله لتحقيق أهدافك .
. فالعواطف التي كنت تعتبرها سلبية إنما هي دعوة للقيام بفعل ما ... فبدلا من تسميتها أنها سلبية منسميها إشارات للفعل) . . إن عواطفنا جميعاً لها أهميتها وقيمتها إن كانت بالقدر المناسب والتوقيت والإطار الملائم.
. كان صوت القطار بجوار المنزل ليلاً مزعجاً جداً ويشعرنا بالإحباط ومنذ هذه اللحظة سنحتفل كلما سمعنا رعيق القطار وستشعر شعوراً حسناً.
. أنت لست محتاجاً لسبب خاص لكي تتمتع بشعور حسن، يكفي أن تقرر بأن تشعر شعوراً حسناً الآن لمجرد أنك على قيد الحياة ولمجرد أنك تريد ذلك. فإذا كنت أنت مصدر كل عواطفك فلماذا لا تتمتع بشعور حسن دائماً .
الخطوات الست للتفوق العاطفي
ولكسر الأنماط التي تحد من قدراتك وللتعرف على فوائد تلك العاطفة ولكي تضع نفسك في مستوى معين يمكنك في المستقبل من استخلاص الدروس من هذه العواطف التي تحس بها وأن تقضي على بسرعة أكبر بادر إلى العمل بالخطوات الست الآتية: الألم
حدد ما تشعر به فعلاً بالضبط واشرع في وضع عواطفك موضع التساؤل فقد تتمكن من تخفيف حدتها، وتذكر قوة القاموس التحويلي.
-۲- تعرف على عواطفك وتفهمها وأنت تدرك أنها سند لك، استثمر بالتفهم لكل عواطفك وسيتبين لك أنها تهد على الفور الشعور شان الطفل الذي يحتاج للانتباه والاهتمام.
فإن في ذلك تعطيل فوري جب تعامل بحب استطلاع مع الرسالة التي توفرها لك هذه العاطفة. لنمط أي عاطفة ويساعدك. الاستطلاع هذا في التحكم فيها ومواجهة التحدي ومنع المشكلة نفسها من الحدوث في المستقبل. فإن شعرت مثلاً بالوحدة فاسال نفسك : لو أنني أشعرهم بأنني أريد زيارتهم ألن يكونوا راغبين في زيارتي أيضاً؟
٤- تسلح بالثقة بأن بإمكانك التعامل مع هذه العاطفة على الفور فمثلاً نفس العاطفة مرت بك من قبل وتمكنت من تجاوزها والتعامل معها بنجاح.
٥ - تأكد أن بإمكانك معالجة ذلك ليس الآن فقط ولكن في المستقبل أيضاً .
٦- حاول الاندفاع والقيام بالعمل اللازم وتمرن على استخدام نمطك الجديد وكرره مرات ومرات ... وتذكر أن أفضل وقت تعالج فيه عاطفة ما هو في بداية شعورك بها . . اقتل الوحش في المهد
عواطف القوة العشر وشارات الفعل العشر
يمكنك أن تغير معظم العواطف باللجوء إلى الخطوات الست السابقة غير أنك لكي تجنب نفسك اللجوء حتى لاستخدام الخطوات الست قد تجد أنه من المفيد أن يكون لديك فهم واع للرسالة الإيجابية التي تحاول عواطفك الرئيسة أو شاراتك للعمل إيصالها إليك. وهذه العواطف العشر الرئيسة التي يحاول معظم الناس تجنبها غير أن بإمكانك أن تستخدمها لكي تتمكن من دفع نفسك إلى اتخاذ إجراء ما، وهذه هي العواطف الشعورية العشر ورسائلها التي ترسلها للعقل (الدماغ) وإجراءات التعاطي الإيجابي مع العاطفة ورسالتها :
دروس عملية في مواجهة الغضب وكان من رد الرسل على الكافرين ما حكاه القرآن الكريم. قالوا : ... إنا لنراك في سفاهة وإنَّا لنظنك من الكاذبين CD قَالَ يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين C أبلغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصح لمين ) [الأعراف].
إن شتائم هؤلاء الجهال لم يطش لها حلم هود؛ لأن الشقة بعيدة بين رجل اصطفاه الله رسولاً فهو في الذؤابة من الخير والبر، وبين قوم سفهوا أنفسهم واجتمعوا على عبادة الأحجار يحسبونها - لغبائهم - تضر وتنفع ! كيف يضيق المعلم الكبير بهرف هذه القطعان؟
وقد أراد رسول الله محمد لا اله الا هو أن يعلم أصحابه هذا الدرس في الأناة وضبط النفس، فروي أن أعرابيا جاءه يطلب منه شيئاً، فأعطاه ثم قال له : أحسنت إليك؟ قال الأعرابي : لا ، ولا أجملت ! فغضب السلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا .. ثم قام ودخل منزله، فارسل إليه وزاده شيئاً، ثم قال له : أحسنت إليك؟؟ قال: نعم، فجزاك من أهل وعشيرة خيراً، فقال له النبي: إنك قلت ما قلت آنفاً، وفي نفس أصحابي من ذلك شيء فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك، قال: نعم، فلما كان الغد جاء، فقال النبي : إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه. فزعم أنه الله رضي، أكذلك؟ قال : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال رسول الله : مثلي ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس ) فلم يزيدوها إلا نفوراً فناداهم صاحبها، فقال لهم خلو بيني وبين ناقتي. فإني أرفق بها منكم وأعلم.. فتوجه لها بين يديها فأخذ من قمام ،الأرض فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليهاأي جروا خلفها
رحلها، واستوى عليها. وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال، فقتلتموه، دخل النار " .
إن الرسول الحليم لم تأخذه الدهشة لكنود الأعرابي أول الأمر، وعرف فيه طبيعة صنف من الناس مردوا على الجفوة في التعبير والإسراع بالشر، وأمثال هؤلاء لو عوجلوا بالعقوبة لقضت عليهم، ولما كانت ظلماً
لكن المصلحين العظماء لا ينتهون بمصاير العامة إلى هذا الختام الأليم، إنهم يفيضون من أناتهم على ذوي النزق حتى يلجئوهم إلى الخير إلجاء، ويطلقوا ألسنتهم تلهج بالثناء.
وثمن ذلك لا يضن به الواجد الأريب، ولو كان عطاء سخيا، فما بذل المال إلى جانب ملك الأنفس؟
إن الأعرابي الذي اشترى رضاه بما علمت لا يبعد أن تراه بعد أيام وقد كلف بعمل خطير يقدم فيه عنقه عن طيب خاطر !! وما المال في أيدي المصلحين الكبراء إلا حاجة العفاة (1) من الوافدين الطامعين، أو هو قمام الأرض تستناخ به الرواحل الجامحة، لتقطع عليها المفارات الشاسعة .
وقد كان النبي يستغضب أحياناً غير أنه ما يجاوز حدود التكرم والإغضاء.
والمحفوظ من سيرته أنه ما انتقم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها .
ولما قال له أعرابي جلف وهو يقسم الغنائم : اعدل، فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله لم يزد في جوابه أن بين له ما جهله، ووعظ نفسه
وذكرها بما قال له فقال: ويحك فمن يعدل إن لم أعدل؟ حيث وخسرت إن لم أعدل ونهى أصحابه أن يقتلوه حين هم بعضهم بذلك .
خطب النبي في الناس عصر يوم من الأيام فكان مما قاله لهم: إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى: ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء ، والسريع الغضب سريع الفيء، البطيء الغضب بطيء الفيئ فتلك بتلك ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء. ألا وإن منهم حسن القضاء حسن الطلب، ومنهم سيئ القضاء الطلب، ومنهم سيئ الطلب حسن القضاء فتلك بتلك. ألا وإن منهم سيئ القضاء سيئ الطلب. ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطلب، وشرهم سيئ القضاء سيئ الطلب".
ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض (١) أي فليبق مكانه وليجلس .
فإنه إذا استطير وراء لهب الغيظ أفــد الأمور في غيبة وعيه وغلبة عاطفته فلم يدع لإصلاحها مكاناً.
وقد شرح الحديث الشريف صنوف الخلق ومنازلهم في الفضل،والمؤمن يضع نفسه حيث يجب.
كثيراً ما يذهب به غضبه مذاهب حمقاء، فقد يد الباب إذا استعصى عليه فتحه، وقد يكسر آلة تضطرب في يده، وقد الغضوب إن الشخص يلعن دابة جمحت به.
وحدث أن رجلاً نارعته الريح رداءه ،قلعنها فقال رسول الله : ولا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له باهل رجعت و اللعنة عليه .
وسيئات الغضب كثيرة ونتائجه الوخيمة أكثر ولذلك كان ضبط النفس عند سوراته دليل قدرة محمودة وتماسك كريم.
عن ابن مسعود: قال رسول الله ﷺ: «ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا يصرعه الرجال . قال : ليس بذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب» (٢) .
وقال رجل للنبي ﷺ : علمني كلمات أعيش بهن ولا تكثر علي لعلي فأنسى ! فقال : (لا تغضب (۳) وهذه الإجابة المقتضبة خير ما يرد به على سؤال يصاغ في هذه العبارة ! . وقد كان ينصح من جاءوه مسترشدين بما يلائم طباعهم ويوافق بيئتهم، وقد يوجز أو يطنب وفق ما تقضي به الأحوال.
والجاهلية التي عالج رسول الله الله ومحوها كانت تقوم على ضريين من الجهالة، جهالة ضد العلم وأخرى ضد الحلم، فأما الأولى فتقطيع ظلامها يتم بأنواع المعرفة وفنون الإرشاد وأما الأخرى فكف ظلمها يعتمد على كبح الهوى ومنع الفساد وقد كان العرب الأولون يفخرون بأنهم يلقون الجهل بجهل أشد .
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فجاء الإسلام يكفكف من هذه النزوات، ويقيم أركان المجتمع على الفضل، فإن تعذر فالعدل. ولن تتحقق هذه الغاية إذا هيمن العقل الراشد على غريزة الغضب.
وكثير من النصائح التي أسداها الرسول للعرب كانت تتجه إلى هذا الهدف. حتى اعتبرت مظاهر الطيش والتعدي انفلاتاً من الإسلام، وانطلاقاً من القيود التي ربط بها الجماعة فلا تميد وتضطرب:
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (۱) .
وقال عبد الله بن مسعود: "ما من مسلمين إلا وبينهما ستر من الله عز وجل، فإذا قال أحدهما لصاحبه كلمة هجرٍ خَرقَ ستر الله عز . وجل (٢) .
ووفد أعرابي على رسول الله ﷺ يريد أن يتعلم الإسلام، ولم تكن له معرفة سابقة بالنبي ، ولا بما يدعو إليه، قال الأعرابي - واسمه جابر بن سليم: "رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه :قلت من هذا؟ قالوا: رسول الله ﷺ قلت : عليك السلام يا رسول الله مرتين قال: «لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت. قل: السلام عليك !!
قال: قلت: أنت رسول الله؟ قال: «أنا رسول الله الذي إذا أصابك فر فدعوته كشفه عنك ، وإن أصابك عام سنة (جدب) فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك . . . .