0 تصويتات
في تصنيف ثقافية بواسطة (2.8مليون نقاط)
تأثير الحضارة الحديثة على الأسرة المسلمة

لاحظ الفلاسفة والمحللون الاجتماعيون أن المجتمع بناء مكون من أسر ، وأن خصوصية أي مجتمع يمكن أن تعرف عن طريق التعرف على العلاقات الأسرية فيه . وتذهب أقدم الدراسات الأخلاقية إلى أن المجتمع يفقد قوته عندم يفشل أفراده في القيام بواجباتهم الأسرية . كذلك ، فإن الفلاسفة والمصلحين والزعماء والعلمانيون - في كل العصور كانوا على وعي واضح بأهمية لنماذج الأسرية كعنصر أساسي في البناء الاجتماعي لمجتمعاتهم . الدينيون منهم - إذن ، فلابد من فهم العلاقات والواجبات الأسرية كضرورة لفهم العمليات الاجتماعية

أما الإسلام ، فإنه علاوة على هذا يعطي أهمية عليا لبناء الأسرة كنقطة انطلاق أساسية وجوهرية لأي إصلاح على أي مستوى صغير أو كبير . ولقد ابتدأ النبي محمد خطته العظيمة لتغيير المجتمع العربي بفرض قواعد السلوك الإسلامي في إطار أسرته وعشيرته . وأكد على الحاجة إلى تحريك العمليات الأسرية عن طريق الجهود الفردية والجماعية . وترسم سورة " النساء " في القرآن الكريم أبعاد العلاقات المتنوعة في بناء الأسرة . ومن بين ما تضمنته موضوعات تفصيلية نحو : معاملة النساء وحقوقهن من ممتلكاتهن والشقاق بين الزوجين ... ألخ .

إن القوى الدافعة التي توجه العلاقات الأسرية في الإسلام هي القوى الأخلاقية . والهدف الأسمى لها هو ترقي الإنسان خلقياً وروحيا .

ولقد دلت الدراسات الإنسانية ( الانتروبولوجية ) أن الأسرة - على امتداد عمليات تطورها ونموهها ، وهي عمليات ذات طبيعة عالمية - قد أسهمت في هذا بتقديم خدمات أساسية من بينها انجاب الذرية والدفاع عن أعضاء الأسرة وتحديد نسب الطفل أو موقعـه في المجتمع ثم القيام بالتهيئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي . والأسرة مفهوم شعبيمحبوب على الرغم من تباعتها الثقيلة والمتمثلة في وظائفها الاجتماعية التقليدية والتطويرية . وكل فرد يحس بان الأسرة مهمة له شخصياً ، كما أنها قد برهنت على قدرتها على استيعاب المتطلبات الحديثة بصفة عامة وعلى المستوى العالمي تعتبر فكرة الأسرة محور الترابط بين الناس ، وهي كذلك تمثل الحب والأمن وسواهما من القيم وتعمل كفرة من أرى التماسك الاجتماعي .

اتجهت الحضارة الغربية إلى إعادة توجيه الوظائف الأساسية التي تضطلع بها الأسرة . وبالتحديد ، فإن علمانية الغرب - وما صاحبها من إضفاء الشرعية على الاتجاهات الحسية وعلى نزعة التمرد التي زعموا أنها نتيجة حتمية للتكيف مع قصه الصناعة قد قضت بالتدريج على معاني الاستقامة والإخلاص في النية والعناية بغاري القيم التي يجب على الأسرة المسلمة أن تلتزم بها إن نظام الأسرة عند المسلمين في الوقت الحاضر لهو ثمرة للملابسات الفاسدة التي انطلقت من عقالها ، واستمرت تتابع ، نتيجة للآثار التي تولدت منذ الغزو التتري ، وحتى الهجمة الشرسة للقوى الغربية ذات التوجه الدنيوي ، وبالتحديد ، فإن الأسر المسلمة في أنحاء الهند والباكستان تعتبر حصيلة صراع الثقافات القائم بين قيم الإسلام ومثله من ناحية وقيم الغرب ومثله من ناحية أخرى ، ولقد كانت الأسرة الإسلامية في الهند ، قبل قيام الحكومة الإنجليزية فيها ، واقعة تحت تأثير البيئة الهندوكية المادية على فكر المسلمين وقيمهم . فكان للقوانين الهندوكية في الأحوال الشخصية تأثير على المسلمين في أغلب الأحيان ، وكانت الطقوس والشعائر والعادات والتقاليد - ولا تزال حتى الآن - تعكس هذا التأثير أكثر وأكثر خلال محاولات أباطرة الدولة المغولية هندكة الإسلام . ولقد حاول . أور انجزيب " ( Aurangzeb ) أن يقضي على تلك التأثيرات المناقضة للإسلام ولكن محاولاته أحبطت بسبب سقوط الإمبراطورية الإسلامية وظهور القوى الغربية في الهند وهكذا تعاونت الثقافة الغربية والتأثيرات الهندوكية في القضاء على التأثيرات الإسلامية لتتركا الأسر المسلمة تعيش في وضع شاذ . أضف إلى هذا أن الصفوة " المتغربة " منأبناء المسلمين قد اعتنقت عادات الحاكمين الأجانب وقيمهم وأساليبهم في العلاقات الأسرية . أما من يدعون بالطبقة الوسطى من هذه الأقلية الصغيرة فقد حاولوا الاستمساك بالتقاليد الإسلامية لكن سرعان ما انجذبوا كغيرهم نحو المثالية الموهومة للأنماط الأسرية الغربية أما غالبية المسلمين ممن هووا عن القمة إلى القاع وضربهم الفقر بشدة ، فقد كانوا في غفلة وشغل عن غاية الحياة ، وإن كانوا لا يزالون يتعلقون بما ورثوه من ضلالات

وخرافات ونوادر وتقاليد تنسب إلى " الأولياء " ( المزعومين ).

عن على هذه الأرضية ظهرت باكستان في أفق العالم الإسلامي وهي تنادي بالتحول إلى ما يتفق مع مبادئها الإسلامية . لكنها ت كدولة - لم تستطع أن تفصل نفسها تماماً . التقاليد الهندية ، كما أحدقت بها في نفس الوقت صعوبات عديد، نتيجة للضغوط الدولية . وكان تغلغل النفوذ الغربي جارفاً جداً ، وقد وصف " وليمز Williams) هذه القوى المؤثرة لتيار الانحراف الثقافي الجديد بأنها " ثقافة تكنولوجية أو ذرية للعرف العقلان الفردي

أصبحت الأسرة الباكستانية - نتيجة ظهور هذا التحو الثقافي – تواجه تأثيراً جديداً قوياً مشبعاً تماماً بنظرة علمانية إلى الحياة ، ولذلك تغيرت تغيراً واضحاً في اتجاهات نظر علاقاتها من الناحيتين الشكلية والنفسية ، فتغيرت لديها الأزياء وطرائق التفكير والعمل واختلفت عن طرق حياة وتفكير الاسر الهندية . ولم يحدث هذا في أسر المدن فقط ، بل تجهت الأسر في القرى إلى تقليد الأنماط الغربية . أصبح الناس ينظرون نظرة إعجاب إلى استخدام وسائل التجميل والروائح وألوان الشفاه وسواها من أدوات التزيين . وقلدت نساؤنا نساء الغرب تقليداً أعمى في أزيائهن وتصفيف شعورهن ، وكان لوسائل الإعلام دور فعال في عمليات التأثير هذه . كذلك ، فإن عرض الأفلام الغربية، التي تهتك معايير العفة لدى المرأة الشرقية ، قد أدى إلى نتائج مدمرة في إفساد الأغنياء الجدد ذوي العقول الفارغة وأهل الريف ذوي العقول الساذجة . هذه العدوى لا يمكن الاستهانة بآثارها الظاهرة ، ففي هذا الوضع إشارة واضحة إلى انحراف مستوى القيم . لقد قضى بالتدريج على البساطةالصراعات .

والنقاوة اللتين اعتزت بهما التقاليد الإسلامية الأصلية الصافية . والحق أن الأسرة إذا تركت تعيش على هذا النحو دون رادع أو تحكم فإن الوضع سيؤدي إلى خلق المزيد من

لقد توصلنا - كمتخصصين في علم العمران ( الاجتماع ) ، وعلى أساس دراسات ضيقة النطاق أجريت على نظام الأسرة عندنا - إلى اكتشاف حقائق مرضية أساسية تمكننا من التعرف على طبيعة الفجوة التي تفصلنا عن النظام الإسلامي للاسرة والتي تولدت عن . التأثر الشديد بطرائق التفكير الحديثة الشائعة في المجتمع الغربي . وفي مجال المبادئ ( الأيديولوجيات ( نجد أنه قد انتشرت على مدى واسع تناقضات تضغط على نظام الأسرة فتدفعه إلى الانحراف

يعتبر الإسلام أن وحدة الأسرة هي المحور الأساسي للتماسك . وإن أعمق وأقــوى صور التماسك في كل مجتمع هي صور التماسك الأسري التي تشمل في حدها الأدنى تماسك الزوجين ، والإخوة والأخوات ، والوالدين والأولاد ، والأخ وأخيه ... إلخ . والمدى أوسع أبعاداً من هذه ، لكن تلك الأشكال ذات معان خصبة عند أغلبية واسعة من أعضاء المجتمع . والحضارة الغربية، من خلال اهتمامها بالإنجاز كشرط ضروري للنمو الفردي ، تؤثر تأثيراً بالغاً على المراهقين

وهذا يترجم عملياً في صورة التعلم الفردي للتمكن من التكيف مع أشكال التماسك القائمة على غير أساس الأسرة أو التي لا تأتلف مع الارتباط المبني على أساس الأسرة نظراً لقيام النظام الراسمالي على أساس التمحور حول الذات وعلى مبدأ التنافس المستعر فإن عدداً كبيراً من الشباب يتجاهلون التماسك الأسري ، وهم بهذا يؤذون مشاعر الآخرين " . يقول محمد أسد : " إن النتيجة من الناحية الثقافية هي خلق نمط من البشر تنحصر أخلاقياته في مسألة المنفعة المادية وحدها ، ويصبح النجاح المادي هو أعلى مقياس لديــه لقياس الخير والشر " ومع تزايد الاتجاه نحو الفردية أصبح الشباب يواجه مشكلة التعامل مع من يفترض فيه أن يعولهم ، بالطريقة التي يحبذها الإسلام ، وهم غالباً أسلافه ومن يكبرونهسناً . هذه الأخلاقيات الفردية ، التي تتباين كثيراً فيما بينها ، والتي تعرف غالبا بالقواعد الأخلاقية المتحررة ، يبدو أنها تشيع بين غير المتزوجين وحتى بين المتزوجين ولكن بدرجة أقل .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.8مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
تأثير الحضارة الحديثة على الأسرة المسلمة

ومن الواضح أن إحلال مبادئ الغرب ومناهجه في التفكير والحياة محل نظام الأسرة المتكاملة والمتماسكة فكرياً كان عامل إضعاف لنا . لقد تأثرت شخصياتنا وتشكلت بقوة طبقاً لنوع القيم المنحرفة والبعيدة عن نظام الأسرة التي تربينا فيه . وهنا يجب علينا أن نستكشف وتحدد المشكلات التي نجمت عن انهيار نظام الأسرة عندما حين نقيسه بما يتطلبه نظام الإسلام. ويمكنني أن أؤكد - طبقاً لقراءتي - أن النظام الإسلامي للأسرة باعتبارها ركناً أساسياً في المجتمع - قد ظل خمسة قرون هجرياً على الأقل يجري ويتطور في انسجام دقيق مع التشريعات والمبادئ الموجودة في القرآن والسنة ، ولقد حاول النبي محمد ( ﷺ ) طيلة حياته في مكة أن يبني نظاماً أسرياً كشرط أولي لتطور المجتمع بجملته ، ذلك التطور الذي توج بقيام الدولة الجديدة .

إن لنظام الأسرة في الإسلام موقعاً أساسياً إلى حد أن الجزء الأكبر من القرآن والسنة قد خصص لبناء هذه الوحدة الأساسية من وحدات المجتمع وتطويرها . كذلك ، فإن التشريعات التي تنظم عملية بناء الأسرة في الإسلام قد جاءت مكتملة إلى حد أننا نجد في كتب العقيدة والفقه الإسلامي مادة وفيرة جداً حول هذه المشكلة . ولا شك أن مشاكل الأسرة ، كوحدة لها تركيبها الخاص ووظائفها المتميزة ، ذات حيوية وأهمية لبرران قيام المؤرخين والفلاسفة - مسلمين أو غير مسلمين - بمحاولات كثيرة للتعرف على أسس تكونها وذلك

هدف دراسة المجتمع المسلم دراسة تحليلية .

من الممكن أن نحدد أصول نظام الأسرة في الإسلام من خلال القرآن والسنة . تاريخ نظام الأسرة في الإسلام لا يسير في خط مستقيم ، بل كان يتذبذب تبعاً لظروف لزمان والمكان . وكانت النتيجة أن صار نظام الأسرة الإسلامي نمضاً عظيم التنوع ، لكن ذه النظام لم ينحرف انحرافاً حقيقياً عن قيمه ومعانية الأصيلة . إن أمرنا اليوم قد تغيرتولابد أن تتغير ، لكن الخطر الحقيقي عليها يكمن - في راينا - في انهيارها الخلفي وبشكل خاص في فقد صلتها بتشريعات الإسلام الأساسية ومبادئه وقيمه ومقاصده ، ومع أن تاريخنا الثقافي يظهر أن أسرنا قد تغيرت ، إلا أنها ظلت " وحدانية " مثالية مترابطة ومين حسن الحظ أن تأثير للغرب على الأسرة كان في الشكليات ولم يتأصل في أعماقها أو يلوث روحها ، ولقد وقعت الأسر التي تأثرت بالغرب فريسة للتحلل الخلقي ، لكنها ما زالت في مأمن من الفجور والفساد الذي لا يعرف الخجل . عرضنا جانب التأثير الغربي في الأزياء والطرائق الغربية في العيش والسلوكيات ونحمد الله تعالى أن انحرافنا عن القيم - كما نراه حاليا - ما زال بريئا من الأمراض الاجتماعية البغيضة كالإسراف في التطليق دون ما قيد ، والانفصال بين الزوجين معيشيا ، والإباحية الجنسية ، وعادات الصداقة المفتوحة بين الجنسين ، وأولاد السفاح ونحو ذلك . لكن الخطر لا يزال قائما ، وإذا لم توقفه فمن الممكن أن تغزونا الأمراض التي تغلغلت في المجتمع الغربي .

قد أحياناً . نسمع عن حالات من العلاقات الجنسية غير المشروعة . ومعلوم أن الإباحية الجنسية أمر يناقض تشريعات الزواج في الإسلام نصا وروحا ، فالإسلام يشدد على ضرورة تزويج للشباب والشابات لأن الزواج - كما جاء في أحد الأحاديث النبوية خطوة حتمية يستلزمها التطور السوي للشخصية واكتمال الرسالة الاجتماعية وكما في حديث آخر أن الزواج استكمال لنصف الدين ، وعلى الزوجين أن يتقيا الله في النصف الآخر ، وهذا التصور الذي قدمته الأحاديث النبوية يضيف بعداً جديداً لا وجود له في أي نظرية حديثة عن تكوين الشخصية وتطويرها . وثمة ملمح آخر فذ في التصور القرآني لتطور الشخصية نجده في توجيهاته إلى أن الإيمان هو أحد مقومات تطور الشخصية الإنسانية . فالإيمان هو أحد أركان البناء الروحي ، وحين يؤكد القرآن تلك الحقيقة فإنه يضفي هذه الصبغة الروحية على كل مكونات الشخصية .

والجانب الروحي ذو علاقة بالجانب النفسي . فالقرآن هو الذي أعلن أن العامل النفسي ينطوي على العمق الروحي والمقاصد الروحية .

وإعلان أن " الإيمان ضرورة حتمية لاكتمال الشخصية وتقرير التلازم بينه وبين الزواج ، فيه إشارة إلى القداسة التي تضفيها الثقافة الإسلامية على المؤسسة القائمة على الزواج . إن القصد من الأسرة والزواج هو إقامة نظام اجتماعي وحماية الجنسي البشري من العلاقات الجنسية غير الشرعية . وأعضاء الأسرة ليسوا أعضاء فقط في المؤسسة الأسرية ، وإنما هم ) أعضاء في المجتمع ( يخدمونه من خلال تلك المؤسسات . إن واجب الوالدين أن يساعدوا الأطفال على السير في المنهج الثقافي الملائم ، وأن يهيئوهم اجتماعياً ويبثوا فيهم الوعي بقيم الأسرة ومقاصدها وهي النصف المكمل لقيم المجتمع يجب أن يغرس في نفوس الأطفال الشعور بالمسئولية تجاه مساعدة الوالدين عندما يضعفان لبلوغهما الكبر . وإنا لنسمع عن حالات عارضة من الانحراف في هذا المجل ، وهو منحى يلزم كبحه وإلا أدى إلى تعريض المجتمع للعديد من المشاكل ، إذ هو عالمة على التفكك والتحلل الاجتماعي .

إن الاهتمام بالكسب والمجد الدنيويين من جانب الصغار والكبار ، وعدم المبالاة بتفهم المسئولية الخلقية والدينية وعدم القيام بحقها ، لممّا يمهد الطريق في بطء إلى إصابة الأسرة بالتحلل . وإذا ما قارنا بين العلم بالقرآن والعمل في الجبلين الأخيرين من المسلمين لأدركنا مدى الإهمال الذي تلقاه تلك الواجبات الدينية الأساسياً . ومن الطبيعي أن تمتلئ هذه الفجوة بالأفكار والممارسات الأجنبية الدخيلة التي قد بلح أنها أكثر فائدة . ولقد كشفت دراسة أجريت على نطاق محلي في جامعة كراتشي أن النشئة كانوا أكثر جهلاً من والديهم الذين لم يهتموا بتلقينهم أوليات مباديء الإسلام.

لقد فشل الوالدان والمدرسون كما فشلت الدولة في براك واجبهم في التثقيف والتهيئة الاجتماعية طبقاً لأساليب الإسلام في الحياة والفكر . وكانت النتيجة أن تولد الشعور بالغربة لدى الناشئة والشك في خيرية الإنسان لدى المراهقين والنفور لدى الكبار . وكلها أخطار علينا أن نحصنهم ضدها ، فتلك حال الأسرة في الغرب وقد أصبح العلماء الغربيون يدركون هذا الخطر ويكافحون كي تبقى مسيرة الأسرة هي .

هادئة إن صراع الثقافات حقيقة والتأثيرات المضادة هي التجسيد للإمكانيات الداخلية. ولن عصر التكنولوجيا ستصل إلى كل مكان في العالم ، فالواجب على كل أمة أن تشبه بالقدر الكافي وتعمل على حماية شخصيتها وهويتها الثقافية والاجتماعية من اخطار هذه التأثيرات علم الاجتماع الكوني ليحذر البشرية لعلها تدرك أهمية هذا العنصر . والمؤكد أن أثار . وإذا كان نظام الأسرة عندنا - نتيجة لجمود التقاليد - لما يُمسخ بدرجة مخيفة بعد هجمة القوى المدمرة تلك ، فليس ثمة ضمان بانه سيقى في مامن من الخطر الذي يتهدده والذي وضع المجتمع الغربي بالفعل على طريق الزوال .

وأود أن أشير بإيجاز إلى حقيقة مرضية أخرى هي جنوح الصغار نحو الجريمة. العلاج تبدأ من الأسرة ، وذلك بأن تقوم بواجبها في كبح جرائم الصغار المتفشية لقد وصلت المشكلة فى الغرب إلى مدى مخيف وهي الآن تترصدنا على الأبواب إن بداية ومشاكساتهم المخيفة ولكن كل الدلائل تشير إلى أن الأسرة لا تهتم الاهتمام الواجب بتوجيه النشء فيها . فكثيرا ما نجد الوالدين مشغولين إلى حد إهمال تنشئة الصغار وتدريبهم . وإني لعلى يقين بأن خريجي الجامعات - دعك من الصبيان - لا يعرفون إلا النزر اليسير عن القرآن والسنة . نحن مسلمون بالاسم والمولد . وهذا السلوك من أولي الأمر في الأسرة و من الأساتذة في معاهد التعليم ، وهو سلوك مناهض للتدين ، ليمهد الطريق أمام النظام الغربي للأسرة - وهو حصيلة عقلية ثقافية مغايرة تماما - أن يعمل عمله في الأسرة المسلمة.

على كل حال ، نحن بحاجة إلى منهج عقلي في التفكير لنتمكن من تبين تشابكات العلاقات الاجتماعية وتعقداتها ومن فصل المشكلات الاجتماعية الهامة في هذا المجال . كذلك ، فإننا بحاجة إلى تخطيط الجهود من اجل تصنيف المقترحات المطروحة لمواجهة هذه المشكلات . إن التعرف بدقة على نقاط الضعف في النظام الثقافي أمر لابد منه . لكن نقص الإحصائيات الحيوية والحقائق الأساسية عن الأسرة يشكل عقبة أخرى في طريق إثبات صحة هذه الاستنتاجات . أما بالنسبة للدارسين الغربيين المدربين ، فإن دراستهم

للمشكلة وحلولهم التي يقترحونا مبنية برمتها على أسس ومناهج غربية لا تتمشى مع بيئتنا الثقافية . ولهذا لم يكن هناك قبول شعبي لـ " قانون تشريعات الأسرة " الذي صدر وطبق في عهد " أيوب خان وهو الآن قيد الفحص والمراجعة من قبل مجلس الفكر الإسلامي". وباختصار ، نرى أن الأسر المسلمة تقوم الآن بوظائفها الأساسية التي أشرنا إليها ، ولكنها ليست محصنة ضد القوى التي يمكن أن تصيب تلك الوظائف بالفوضى والتعثر والأمر يتطلب اتخاذ إجراءات إيجابية للوقاية والعلاج كسن التشريعات الاجتماعية المتفقة مع نظامة الأخلاقي ، والتي نتوصل إليها عن طريق " الاجتهاد "، وذلك بغية الحيلولة دون مزيد من الانحراف عن البنى والعلاقات الأسرية الطاهرة

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
سُئل مايو 12، 2024 في تصنيف تعليمية بواسطة وئامي للعلوم (2.8مليون نقاط)
مرحبًا بك إلى وئامي للعلوم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين..
...